طارق حمو : البيان الذي نشره "تيار المستقبل" واتهم فيه حزب الاتحاد الديمقراطي بتهديد رئيسه الاخ مشعل التمو وآخرين معه، كلام خطير يدفعنا للتوقف عنده مليا ووضع اكثر من خط تحت عباراته. حزب الاتحاد الديمقراطي نفى في بيان رسمي الاتهام وندد بالحملة التي تطاله وتهدف لتشويه صورته، وارجع ذلك كله ل"حالة الافلاس الجماهيري" التي تعاني منها بعض الجهات، فتحاول القفز فوق واقعها بالتهجم على انصار الاتحاد الديمقراطي.
الأخ مشعل التمو رفض الانضمام الى (مبادرة الحركة الوطنية الكردية في سوريا) ساعة انطلاقتها في قامشلو نيسان الماضي، ووصفها بالعجز وحكم عليها بالفشل وهي لما تزل مولودا أبن ساعته، ( وهذه المبادرة، وللتذكير، هي نفسها التي حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الرئيس السوري بشار الأسد منها، ووصفها مساء نفس اليوم بالمؤامرة التي تٌحاك ضد وحدة سوريا).
والأكثر ان الأخ مشعل وضع كل الاحزاب في سلة واحدة ووصفها بالتقليدية الفاشلة، ومن ثم حلّ تياره وقال انه سينضم الى الجماهير الهادرة ويعمل مع الشباب والتنسيقيات. لكن يبدو ان كل تلك الخطوات لم تؤتي أكلها ولم تحقق له ولتياره الشعبية المنشودة، فبات الطريق الوحيد الان هو الهجوم المباشر على حزب الاتحاد الديمقراطي، التنظيم الاكثر قوة واتساعا، واتهامه بانه هو الذي يعيق تقدم "تيار المستقبل" المنحل بقيادة الاخ مشعل، وهو بالتالي المسؤول عن كل هذا الانسداد و"قلة العمل" و"كثرة الشعارات" الطاغية على المشهد الكردي السوري. وكانت الطريقة ظالمة جدا باتهام الاتحاد الديمقراطي باللجوء الى التهديد المباشر!.
والسؤال هنا: من الذي هدد الاخ مشعل، ولماذا لم يتصل الاخ مشعل مع قيادات الاتحاد الديمقراطي ويكشف لهم هوية من هددوه وساعة ومكان وقوع التهديد؟. لماذا الحكم مسبقا على انتماء المهددين لحزب الاتحاد الديمقراطي، ومن ثم اطلاق الحملة الاعلامية المشوهة لهذا الاخير، واطلاق المناشدات في صفحات الانترنت وغرف الدردشة، حيث وجد كل من هب ودب فيها فرصة للنهش والطعن والافتراء وتعكير المياه الكردية وتلويثها؟.
منذ تسعينيات القرن الماضي نفذت الدولة التركية حرب اغتيالات ضد الكوادر الوطنية الكردية، واتهمت بعد ذلك حركة حرية كردستان بتصفية هؤلاء، لكن الحقيقة لم تغب طويلا، وطلع علينا تنظيم "ارغنكون" الارهابي، وتبين مسؤولية هذا التنظيم ومسؤولية الاستخبارات العسكرية ( جي تم) والاستخبارات العامة ( ميت) عن اغتيال اكثر من 17 الف وطني كردي.
والكلام هنا ان عصابات النظام السوري لربما تستغل الخلافات الكردية وتعمد الى الضرب هنا وهنا لاشعال المناطق الكردية وبث الفرقة والشقاق وصولا للحرب الاهلية، لاسمح الله.
منذ انطلاق الانتفاضة السورية والبعض من الشخصيات والجهات الكردية يعمد الى نشر الافتراءات ضد حزب الاتحاد الديمقراطي ووسم انصاره بكل الصفات وكيل الاتهامات لهم، ومن ثم تصوير نفسه كضحية و"طريدة فكرية" لهذا الحزب، وكل ذلك من اجل نيل الشهرة واستجلاب التعاطف الجماهيري، وهو مالايمكن تصنيفه في خانة التنافس الشريف في ميدان السياسة.
اتهموا حزب الاتحاد الديمقراطي ب"التعاون مع النظام" تارة لانه رفض ارتهان بعض القوى المشبوهة في المعارضة لتركيا والغرب، وب"التعصب القومي" و"الكردستانية" طورا لانه اصر على رفع الاعلام الكردية في التظاهرات والتركيز على الخصوصية القومية الكردية.
اتهموا حزب الاتحاد الديمقراطي بمحاباة النظام السوري، وهذا الاخير قتل خيرة قادة الاتحاد الديمقراطي ( شيلان ورفاقها، الاستاذ البرلماني عثمان سليمان، أحمد حسين أبو جودي...) واعتقل المئات من انصاره وشدد الخناق عليهم رضوخا لأوامر من الدولة التركية. معتقلوا حزب الاتحاد الديمقراطي سجلوا السابقة في تاريخ السجون السورية فاعلنوا الاضراب عن الطعام تحت طائلة الموت برصاص المخابرات والشرطة العسكرية.
عفوا لا احد يستطيع ان يزايد على مواقف حزب الاتحاد الديمقراطي. ولااحد قدم ربع ماقدمه هذا الحزب من دماء سٌفكت على يد النظام السوري الحالي.
ليس ذنب حزب الاتحاد الديمقراطي ان البعض في الميدان السياسي الكردي السوري لايمتلك شعبية، وجمهوره قد لايتعدى عدده عدد افراد فريق كرة القدم ( مع الاحتياط والاداريين). وليس ذنب حزب الاتحاد الديمقراطي انه صاحب مشروع متكامل مستند الى حركة دولية جبارة تمتلك جيشا وبرلمايين ومساحة ادارية تفوق مساحة دول عربية، ولايٌلام حزب الاتحاد الديمقراطي انه يعمل وفق هذه الخطة ويستخدم كل امكانات حركة حرية كردستان في خدمة الشعب الكردي في سوريا، بما في ذلك الفضائيات وامكانات الحركة والاتصال. وهذا يٌحسب للاتحاد الديمقراطي، استراتيجيا، ولكنه ايضا يجلب له الكثير من الضغينة والحسد على صعيد التنافس الداخلي الكردي.
الطيران التركي لم يقصف مقر حزب الاتحاد الديمقراطي في كردستان الجنوبية لانه حزب يهدد الناشطين والسياسيين الكرد ويعمل لبقاء نظام الأسد الآيل للسقوط. احترموا عقول الناس وهاتوا كلاما آخرا..
يقول الاخ مشعل بانهم ينضالون لاسقاط نظام بشار الاسد ويرفضون كل اصلاح. كلام جميل، ولكن كيف يناضل الأخ مشعل وماهي ميزة نضاله عن نضال بقية الأحزاب الكردية السورية؟. هل شكل جيشا او كتائب تحرير ياترى؟. أم ان النضال هنا هو بالتظاهر والبيانات والتنديد مثل البقية؟. إذا كان النضال بالتظاهر فحزب الاتحاد الديمقراطي هو الذي يٌسير اكبر التظاهرات الكردية المنادية بالحرية والديمقراطية وانهاء الاستبداد.
الكل يرغب في زوال نظام بشار الاسد وحلول الديمقراطية والسلام في سوريا. والرغبة والامنية مع العمل السياسي السلمي هو القاسم المشترك بين الجميع. لااحد حمل السلاح ضد بشار الاسد ونظامه لكي يمنن الاخرين أو يتهمهم بالتخاذل والتراجع و"تضييع الوقت" في العمل السياسي. ثم ان اسقاط الاسد لن يحدث بالتصريحات والمزايدات هنا وهناك، بل باصرار الشعب السوري على انتفاضته وزيادة الضغط الدولي والعزل.
نعرف جيدا بان حزب العدالة والتنمية التركي ( الذي قصف بالطائرات مقار حزب الاتحاد الديمقراطي في اقليم كردستان العراق قبل اسبوع) يتصل مع بعض الشخصيات والجهات السورية المعارضة ويمولها بالمال والخطط لمجابهة كل حراك كردي حر. ونعرف بان الأموال تنتقل من تركيا الى المناطق الكردية عبر وسطاء مرفوضين اجتماعيا. كل ذلك موجود ومكشوف لأجهزة حركة حرية كردستان. ولكن هؤلاء قلة والكثرة هم الوطنيون الكرد الذين يجب ان يوحدوا صفوفهم وأن يعملوا من أجل توحيد الموقف والجهود سبيلا لانتزاع الحقوق المشروعة وضمان الاعتراف الدستوري بالكرد.
الشعب الكردي في سوريا عزيز جدا على قلب حركة حرية كردستان، وهي قطعا لن تتركه وحيدا، ولن تترك مصيره لحزب العدالة والتنمية الغشوم. وهذه الحركة تمتلك من الامكانيات مايمكنها من حماية الكرد والرد على اعدائهم بكل قوة واقتدار.
المهم الآن هو ترتيب البيت الكردي والكف عن اطلاق الاشاعات وحملات التشويه، فهي ليست من السياسة في شيء، وتضر بالموقف الكردي العام، وليس بجهة سياسة معينة فقط
