"سري كانيه" تحتضن الاف الكردستانيين في مراسيم استشهاد "رستم" و "روهات"

سري كانيه/فرهاد شامي

لأوّل مرّة في تاريخها المعاصر، احتضنت مدينة سري كانيه في غربي كردستان مساء أمس الأحد أكثر من خمسين ألفاً من الكردستانيين القادمين من جميع مناطق وقرى غربي كردستان وصولا إلى الحسكة ودمشق وحلب والرقة، وذلك للمشاركة في مراسيم إعلان شهادة القيادي في منظومة المجتمع الكردستاني وعضو مجلس حزب العمال الكردستاني "رستم جودي" والشهيد المقاتل "روهات كوباني".

هذا ومنذ الصباح الباكر تقاطرت الحافلات التي نقلت الكردستانيين وقطعت مئات الكيلومترات للوصول إلى مكان إقامة المراسيم في سري كانيه، وهي مزيّنة بصور "جودي" و "روهات" وصور قائد الشعب الكردي "عبد الله أوجلان"، وأعلام حزب العمال الكردستاني وحركة المجتمع الديمقراطي في غربي كردستان والتنظيمات الأخرى المنضوية تحت سقف منظومة المجتمع الكردستاني.

وفور وصول مواكب الكردستانيين توجه وفداً من عائلة الشهيد "جودي" و "روهات" ورفاقهم إلى استقبالهم من أمام مدخل المدينة، وتوجهوا إلى حيّ المحطّة حيث تقام المراسيم هناك، على شكل مجموعات ضخمة، ومواكب حاشدة، وسط ترديد الشعارات التي تنادي بحياة الشهداء وتحيّ صمود عائلاتهم، وتهتف للحرية وللقائد "أوجلان".

وشارك أهالي سري كانيه من المسيحيين في المراسيم بنثر حبات الأرز فوق رؤوس الجماهير الكردية المحتشدة في شوارع المدينة.

بدأت المراسيم فور تجمّع الوفود في تمام الساعة الثانية عشرة من بعد الظهر بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الحريّة، ومن ثمّ تلا مقدّم الفعالية كلمة الافتتاح وبعدها قدّمت اللجنة المنظمة الوثائق الرسمية لاستشهاد الشهيدين إلى عائلتهما، ومن ثمّتحدّث عضو منسقية حركة المجتمع الديمقراطي "آلدار خليل" في الحضور قدم من خلالها التحية إلى عائلة الشهيدين "جودي" و "روهات" وإلى الشعب الكردي في غربي كردستان بإسم "مراد قرايلان" رئيس منظومة المجتمع الكردستاني KCK ، وبإسم قوات الكريلا ومناضلي الحريّة.

وأشار "خليل" في كلمته إلى مناقب الشهيد "رستم " قائلاً: " الرفيق "رستم" الرفيق الجسور، القيادي المفكّر، من أجله من لا توجد قاموس أو كلمة تفي حقّه، الشهيد "رستم" أكبر من أيّ وصف وأبلغ من أيّ تعبير، المتواضع إلى أبعد حدود، صاحب القرار الصائب، السياسي العظيم، وقبل كلّ شيء الإنسان الخلوق، القادم من عائلة وطنية أفنت عمرها في النضال التحرري الكردستانية، المنطلِق كالشمس باتجاه جميع مدن وقرى كردستان كلّها لتوسيع النضال، بدءً من سري كانيه إلى جبال كردستان، كابار وجودي، متينا وحفتنين، وصولاً إلى ميردين وقوسر، وإلى روسيا ودمشق والعراق، كان قائدنا الذي كنّا نتلقى منه التدريب على مرافعات القائد، تقاسم معنا معرفته وفكره الشاسع، ورؤيته التحليلية الصائبة، لا ظروف كانت تعيق نضاله، البرد والثلج، وحتى المرض لم تستطع أن تقف أمام عزيمة "رستم جودي".

"آلدار خليل" الذي توقّف في حديثه كلّما كان ينطق بإستم "رستم" أكد على دوره في مقاومة عناصر التصفية وفي ذلك خاطب "جودي" الحيّ دائماً بحسب "خليل" بالقول: " كنت أيها الرفيق صاحب وقفة مباركة ضدّ العناصر التصفوية والخيانة إلى جانب الشهيدة "شيلان"، كنت قائدنا وملهم صمودنا، كنت صاحب الدور الأكبر في تأسيس مؤسسات غربي كردستان. عندما لجأت القوى الخارجية والتآمرية إلى أسر قائدنا ومحاولة إمحاء حركتنا، وطمس قيمنا المباركة المتمثلة في تضحيات شهداءنا، حينها وقفت أيها الرفيق بكلّ مبادئك الثورية وقلت حينها كلمتك: "لا يستطيع أحداً حجب شمسنا"، قلت أيها الرفيق لا تستطيع أيّة قوّة مهما كانت جبروتها فصل شعبنا عن قيادته، من أجل ذلك عُرِفت بصلابة موقفك الثوري وخاصة في مؤتمرات الحركة.

وفي نهاية حديثه جدّد عضو منسقية حركة المجنمع الديمقراطي "آلدار خليل" الشهيد "رستم" وعائلته ورفاقه، وجميع أبناء الشعب الكردي على المضي في طريق الشهداء وفي ذلك قال: "نعاهده رغماً عن الألم لفقدانك ونعاهد رفاقنا على أننا ماضون في الطريق الذي اختاروه لهم، عهدٌ عاهدناه سوياً منذ 24 عاماً وسيتجدد دائماً، النصر سيأتي بدمائهم، شهادتكم ستشكّل لنا مصدر قوة لمتابعة المقاومة. ونعاهد شعبنا الأبي على أن سلاح "رستم" و "روهات" لن تبقى على الأرض، ولهذا بدأنا بمرحلة الانتقام من العدو. بدأنا بحمل "رستم جودي" البطولية، وماكنت عملية "جلي" الانتقامية إلا البداية. بالنسبة لنا سيبقى حياً دائماً، غادرنا جسداً ولكن نهجه السياسي، معرفته، أيديولوجيته، ارتباطه بالقيم المباركة، القائمة على منظومة الفكر للقائد "آبو"، أيضاً روحه الفدائية، وارتباطه الوثيق بحقوق الشعب الكردي ستدوم وستكبر يوماً بعد آخر".

أما كلمة مؤسسة عوائل الشهداء فقد تلاها عضو المؤسسة "حكم خلو" نوّه فيها إلى أهمية القيم التي وضع أسسها دماء الشهداء، وضرورة الارتباط بنهجهم، وربط في كلمته بين اسم الشهيد "روهات" وبلاد الأنبياء "أورفا"، وبين سري كانيه مكان ولادة الشهيد "رستم" وبين "واشو كاني" وطن الميتانيين، حيث يأتي استشهاد الشهيدين من قيم البطولة المنبثقة من تلك المدينتين منذ ما يقارب الخمسة آلاف عام.

كلمة منظمة اتحاد ستار النسائي ألقتها عضوة منسقية المنظمة "عزيمة جراف" شجبت فيها ممارسات الدول المستعمرة لكردستان وسياساتها الدموية، والتي كانت سبباً في فقدان الأمهات الكرد فلذات أكبادهنَ، وبالرغم من ذلك تمسح الأم الكردية دموعها وتنادي بالسلام والديمقراطية بحسب "جراف".

وتطرقت إلى مزايا الشهيد "جودي" وتقرباته الثورية من قضية المرأة وبصدد ذلك قالت "جراف": كان الرفيق "رستم" الرفيق القائد للمرأة، لذا كنا نأخذ منه قوتنا التنظيمية والفكرية، كعنصر واعي في الحركة الكردستانية، والرفيق "رستم" كان قيادياً في حزب العمال الكردستاني لذا هو حزب المرأة الأولى، ولا يمكن لأحد أن يكون عضواً في PKK دون أن يكون رفيقاً للمرأة، وكان الرفيق رستم" ينظر إلى المرأة كعنصر أساس في المجتمع، وفي سبيل ذلك كان يربط فكره وفلسفته تجاه المرأة في حياته التنظيمية ومن خلال التدريب الذي كنا نتلقى منه، ولهذا سيبقى الرفيق "رستم" مثالنا الأول في التضحية، وعلى أساس مقاومته نبني عزيمتنا وإصرارنا في الوصول إلى الحريّة وعلى الرغم من إننا تألمنا بفقدان كوكبة من رفاقنا، لكننا نؤكّد إصرارنا على تمثيل خطهم الفلسفي والأيديولوجي والفكري، وأسلوبهم في المقاومة، وسنبرز خصوصيتهم المناضلة في شخصيتنا التنظيمية والحياتية، لا بل سنعيشها في كلّ لحظة، وبهذه الطريقة سيعيش الشهيد "رستم" وستبقى فلسفته حيّة دائماً، ومن جانب آخر نهنأ عائلته على موقفها العظيم التي أظهرته عند سماع نبأ الاستشهاد".

وفي ختام المراسيم شكر شقيق الشهيد "رستم" الكردستانيين على حضورهم الكبير، وعاهدتهم بدماء الشهيد على متابعة نضالهم حتى تحقيق حريّة الشعب الكردي والقائد "أوجلان".

هذا وتخللت المراسيم قراءة القصائد الشعرية التي تمجّد قيم الشهادة، والأغاني الثورية، إلى جانب قراءة العديد من كلمات وبرقيات التعزية، من عدد من التنظيمات والأحزاب الكردية والديمقراطية قدمت جميعها التعازي إلى عائلة الشهيد ورفاقه وركزت على ذكر بعض مناقبه الوطنية ومن تلك الكلمات والبرقيات:

-كلمة عائلة الشهيدين "رستم" و "روهات".

-كلمة منسقية حركة المجتمع الديمقراطي تلاها "ريحان ديريك".

-كلمة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD تلاها "عيسى حسّو".

-كلمة حزب اليسار الكردي تلاها سكرتير الحزب "محمد موسى".

-كلمة حزب الاتحاد السرياني السوري تلاها "إيشوع كوريا".

-كلمة الحركة الاسلامية الكردستانية.

- كلمة منظمات الأحزاب الكردية في سري كانيه تلاها "شوكت برازي".

-كلمة الحزب التقدمي الديمقراطي الكردي تلاها "اسماعيل بدران".

-كلمة KOMELêN CIWAN في غربي كردستان.

-برقية حزب السلام والديمقراطية في شمالي كردستان.

-برقية عوائل الشهداء في سري كانيه في شمالي كردستان.

-برقية حركة الشباب الكرد في الدرباسية.

-برقية أكراد روسيا.