Afrin.TV عفرين لقنوات البث المباشر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةAfrin TVأحدث الصورالتسجيلدخولالعربيةالجزيرةBBC عربيRONAHI TVفرانس 24

 

 كيف يجب العيش على درب الحقيقة، ما العمل ومن أين البدء؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المركز التقني
مشـرف
مشـرف
المركز التقني


ذكر عدد المساهمات : 140
مستوى النشاط : 4987
تاريخ التسجيل : 20/09/2011
العمر : 40
المهنة : فني موبايل

كيف يجب العيش على درب الحقيقة، ما العمل ومن أين البدء؟ Empty
مُساهمةموضوع: كيف يجب العيش على درب الحقيقة، ما العمل ومن أين البدء؟   كيف يجب العيش على درب الحقيقة، ما العمل ومن أين البدء؟ Emptyالأربعاء أكتوبر 12, 2011 5:17 pm

عبد الله أوجلان

مصطلحاتُ الحقيقةِ والحياةِ في سبيلِها والموتِ كَرمى لها، هامةٌ في ثقافةِ الشرقِ الأوسط. لكنّ هذه المصطلحاتِ المنعكسةَ في الثقافةِ الأوروبيةِ على شكلِ قرينةِ النظريةِ – العملية، قد أُفرِغَت من فحواها ومُزِّقَت وأضاعَت كّلّيّاتيتَها تدريجياً.

ويَبرزُ هذا الأمرُ بشكلٍ أفضل في الحداثةِ المتأخرة. حيث أُخضِعَت الحقيقةُ للاقتصادوية.


غالباً ما دَخَلَ البحثُ عن الحقيقةِ في الأجندة، عندما تَبَدَّت معالِمُ القضايا الاجتماعية. حيث تسعى مَقُولةٌ أو ممارسةٌ إلى عكسِ ذاتِها كحقيقة في هذه المراحلِ دون بُد. أما التحليلُ السوسيولوجيُّ للحقيقة، فيُظهِرُ روابطَها مع الباطِلِ والظُّلمِ بكلِّ علانية. فبينما عُرِّفَ نهبُ الكدحِ والقيمةِ الاجتماعيَّين بالباطلِ الجائر، فقد سُمِّيَ البحثُ والنبشُ في ذلك والقيامُ بمتطلباتِه بنشاطِ الحقيقة، وعُمِلَ دوماً على إجلالِه. أما المساواةُ بين حقيقةِ الباطلِ وإلهِ الحقّ، فيَعكِسُ أواصرَ كِلا المصطلحَين مع المجتمعية. وهكذا تتأكدُ مرةً أخرى مصداقيةُ علاقةِ مصطلحِ الإلهِ مع الضميرِ الاجتماعيِّ خارجَ إطارِ كونِه تجريداً ميتافيزيقياً.

يتطلبُ الاندفاعُ وراءَ الحقيقةِ مساءلةَ ومحاسبةَ الظُّلمِ الباطل. وبذلك تَكُونُ الهويةُ الاجتماعية، التي تُقَدِّمُ نفسَها على أنها الإلهُ بوصفِه الموجودَ الأسمى، قد رَدَّت على الظُّلمِ المرتَكَبِ بِحَقِّها، وحَكَمَت عليه بالعقابِ الإلهيّ. ومع ازديادِ حالاتِ الخطرِ والجُورِ المُحيقةِ بالهويةِ الاجتماعيةِ من داخلِ المجتمعِ ومن الطبيعةِ الخارجية، تمَّ التشديدُ على الهويةِ أكثر، وتمّت صياغةُ الآراءِ الكبرى (الرأي الإلهيّ = النظرية) ومزاولةُ الممارساتِ الكبرى (الأعمال الإلهية) إكراماً لها. ولهذا السببِ بالتحديد، من الأهميةِ بمكان إدراك كونِ الهويةِ الاجتماعيةِ تَقبَعُ في منبعِ الدينِ والفلسفة. بالتالي، فالبحثُ عن منبعِ الدينِ والفلسفةِ في مكانٍ آخَر، إنما هو جهدٌ هباء.

يأتي تشويهُ وتعتيمُ وقمعُ الوقائعِ الاجتماعيةِ التاريخيةِ فيما يتعلقُ بمصطلحِ الحقيقةِ وممارستِها في مقدمةِ المآربِ التي يُعمَلُ تحقيقِها في خِضَمِّ الهيمنةِ الأيديولوجيةِ للحداثةِ الرأسمالية. حيث حُوِّلَ الدينُ والفلسفةُ إلى القومويةِ وإلى تأليهِ الدولةِ القومية. وحُصِرَت النظريةُ والممارسةُ العمليةُ بإجلالِ وتخليدِ مصطلحِ وممارساتِ الدولتيةِ القومية. واختُزِلَ العِلمُ بتوجيهٍ من الفلسفةِ الوضعيةِ إلى تحليلِ وحلِّ القضايا الناجمةِ عن دعاماتِ الحداثةِ الثلاث. وصُبَّ صراعُ الحقيقةِ العريقُ بقدرِ عراقةِ التاريخِ البشريِّ في تأمينِ المنافعِ البسيطةِ الزهيدة. وبينما أُخرِجَت المخاطرُ المُحيقةُ بالهويةِ الاجتماعية، التي هي القضيةُ الأصل، من كونِها موضوعَ الحقيقة، فقد سُعِيَ إلى إحلالِ الفرديةِ مَحَلَّها. وصُيِّرَت حقوقُ الإنسانِ موضوعَ استثمارٍ واستغلالٍ في هذا المضمار. بل وحتى إنّ الآراءَ المضادةَ للنظامِ الذي يَعرضُ نفسَه على أنه الأيديولوجيا الصحيحةُ المطلقة، لا تَجنحُ إلى إبداءِ الجرأةِ على تَخَطّي براديغما الحداثة. بينما تَمَكَّنَت الليبراليةُ باعتبارِها أيديولوجيةً رسميةً للنظامِ القائم، من الاستمرارِ حتى يومِنا باحتكارِها المبنيِّ على يَسارِيَّتِها ويَمينِيَّتِها.

وبينما تَخلقُ الليبراليةُ كاحتكارٍ أيديولوجيٍّ للحداثةِ تَضَخُّمَ الرأيِ من جانب، فهي من جانبٍ آخَر تُنجِزُ أقصى نهبِها في هذا التضخُّم، مثلما تَستخدمُ أفضلَ ما يلائِمُها منه في تعريضِ الأذهانِ إلى القصفِ بوساطةِ أجهزتِها الإعلامية، سعياً منها إلى نيلِ النتيجةِ القصوى. أما ضمانُ احتكارِ الرأي، فهو الهدفُ النهائيُّ لحربِها الأيديولوجية. وأسلحتُها الأساسيةُ هي الدِّينَوِيّة، القوموية، الجنسوية، والعلمويةُ كدينٍ وضعيّ. ذلك أنّ مواصلةَ الحداثةِ بالقمعِ السياسيِّ والعسكريِّ فحسب أمرٌ غيرُ ممكن، من دونِ الهيمنةِ الأيديولوجية. وبينما تَجهَدُ الليبراليةُ عن طريقِ الدّينَوِيّةِ إلى بسطِ الرقابةِ على ضميرِ مجتمعِ ما قبلَ الرأسمالية، فإنها عن طريقِ القومويةِ تَضبطُ وتَتَحكَّمُ بمواطَنةِ الدولةِ القوميةِ وبالتمايُزِ الطبقيِّ المتصاعدِ حول الرأسمالية. أما مَرامُ الجنسوية، فهو كتمُ أنفاسِ المرأة. فالوظيفةُ المؤثِّرةُ والقديرةُ للأيديولوجيةِ الجنسوية، هي جعلُ الرجلِ مريضَ السلطة، والإبقاءُ على المرأةِ تتخبطُ في مشاعرِ الاغتصابِ في آنٍ معاً. وبينما تَشلُّ تأثيرَ العالَمِ الأكاديميِّ التخَصُّصِيِّ والشبيبةِ بالعلمويةِ الوضعية، فإنها بذلك تُشيرُ إليهم بأنْ لا خيارَ أمامهم سوى الالتحامِ مع النظام، ضامنةً بذلك تَكامُلَهم معه مقابل التنازلات.

تَحظى التساؤلاتُ: كيف نعيش؟ ما العمل؟ ومن أين البدء؟ بأهميةٍ مصيريةٍ تجاه الهجومِ الأيديولوجيِّ لِلّيبرالية. فقد شُلَّ تأثيرُ الأجوبةِ التي أعطاها مناهِضو النظامِ على هذه الأسئلة، على الأقلِّ إلى يومنا الحاليّ؛ في الحين الذي عَمَّ فيه تأثيرُ الأجوبةِ التي صاغَتها الحداثةُ رداً على الأسئلةِ الثلاثةِ الهامة. فنمطُ الحياةِ الذي طَوَّرَته الحداثةُ في غضونِ القرونِ الخمسةِ الأخيرة، قد تَرَكَ بصماتِه بنسبةٍ كاسحةٍ على سؤالِ كيف نعيش؟ أما في عصرِ الحداثةِ الرأسمالية، فقد صُيِّرَت أنماطُ الحياةِ نمطيةً متجانسةً بقوةِ الهضمِ وفرضِ قَبولِها بما لا مثيلَ له – ربما – في أيِّ عصرٍ من عصورِ التاريخ. حيث جُعِلَت قوالبُ حياةِ الكلِّ نمطاً واحداً تحت مظلّةِ القواعدِ الكونية. وصارت التبايُناتُ سقيمةً وقحلةً في وجهِ عملياتِ التنميط. أما التمردُّ على نمطِ الحياةِ المسماةِ بالعصرية، فيُوصَمُ بالجنون، ويُحكَمُ عليه فوراً بالانجرارِ خارجَ النظامِ القائم. ونادرٌ جداً هم الأشخاصُ الذين يُبدُون الجرأةَ على مواظَبَةِ التمردِ إزاءِ تهديدِ النفي هذا.

هذا وأُجِيبَ على سؤالِ ما العمل؟ بردودٍ تفصيليةٍ منذ زمنٍ بعيد، أي منذ خمسةِ قرونٍ بأكملِها: عليكَ العيشَ بفردية، والتفكيرَ بنفسِكَ دوماً، والقيامَ بما يَقعُ على عاتقكَ قائلاً "الدربُ الوحيدُ هو دربُ الحداثة". أي، الطريقُ واضح، والأسلوبُ بائن: عليكَ بالقيامِ بما يَفعَلُه الجميع. فعليكَ بالربحِ إنْ كنتَ ربَّ عمل. وعليكَ بالهرعِ وراءَ الأَجرِ إنْ كنتَ كادحاً. أما الاندفاعُ وراءَ أعمالٍ أخرى (أعتقد أن الجملة هي كذلك. حيث هناك غموض في النص التركي)، فمَحضُ حماقة. وفي حالِ الإصرار، فالنتيجةُ هي الانسياقُ خارجَ النظام، البطالةُ، اللاحلّ، والاهتراء. لقد حُوِّلَت الحياةُ إلى سِباقِ خُيُولٍ مُهَوِّل. لِنَدَعْ جانباً النظرَ في: ما العمل (أعتقد أن هذه الجملة أيضا هي كذلك)، فالجوابُ على سؤالِ: من أين البدء؟ قد صِيغَ من قِبَلِ النظامِ على شاكلةِ: "ابدأْ من المكانِ الذي دَرَّبتَ فيه نفسَكَ بمتانة". فالمدارسُ والجامعاتُ أمكنةُ بِدءٍ لا غنى عنها لِتَكُونَ ناجحاً داخلَ النظام.

جليٌّ تماماً أنّ بحثَ العصرانيةِ الديمقراطيةِ عن الحقيقةِ في وجهِ النظامِ القائم، وموقفَها الأيديولوجيّ، وردودَها على الأسئلةِ الثلاثةِ الأولية؛ هو بمثابةِ نظامٍ بديل. فالبحثُ عن الهويةِ الاجتماعيةِ بجميعِ مناحيها، وتحليلُها، وعرضُ حلولِها؛ إنما هو صُلبُ الكفاحِ في سبيلِ الحقيقة. وقد بَسَطَت المرافعةُ مُحَصِّلةَ هذا البحثِ والكفاح، ولو بخطوطٍ عريضة. لذا، لا داعي للتكرار. الموقفُ الأيديولوجيُّ يُعَبِّرُ عن تَخَطّي الهيمنةِ الأيديولوجيةِ للحداثةِ السائدةِ بتوجيهِ الانتقاداتِ الشاملةِ لها. والدفاعُ عن الحقائقِ الاجتماعيةِ التي بحوزةِ اليدِ موقفٌ أيديولوجيّ. أما إظهارُ مدى افتقارِ الحداثةِ الرأسماليةِ إلى الحقيقة (تفضيل الفردية على المجتمع، شنّ الهجوم على الهوية الاجتماعية)، وعَكسُ حقيقةِ الأمةِ أو المجتمعِ الاقتصاديِّ والأيكولوجيِّ والديمقراطيّ، وعكسُ مدى قوةِ هذه الحقيقة؛ إنما هو معنيٌّ بهذا الموقف.

أولُ جوابٍ مشتركٍ سيُعطى على أسئلةِ: كيف نعيش؟ ما العمل؟ ومن أين البدء؟، يجب أنْ يَبتَدِئَ من داخلِ النظامِ بناءً على مناهَضتِه. لكنّ مناهَضةَ النظامِ من داخلِه، تقتضي الصراعَ من أجلِ الحقيقةِ في كلِّ لحظةٍ على مستوى الحُكَماءِ القُدامى، ولو كَلَّفَ ذلك الموت. إذ عليكَ بالتخلي عن هذه الحياةِ والنفورِ منها وكأنكَ تَخلَعُ قميصَ الجنونِ والطيشِ الذي أَلبَسَتكَ إياه الحداثةُ كدرعٍ حصين، بحيث يتداخلُ السؤالان: كيف نعيش، ومن أين البدء؟ وعندما تَدعو الحاجة، فعليك بالقَيءِ في كلِّ لحظة، مُطَهِّراً مِعدَتَكَ ودماغَكَ وجسدَكَ من تلك الحياةِ المُعَشِّشةِ داخلك. عليك بالغثيان وتَقَيُّؤِ ما في داخلِك رداً عليها، حتى لو عَرَضَت نفسَها عليكَ وكأنها مَلِكةُ جَمالِ العالَم. وبالتداخلِ مع السؤالَين السابقَين، فعليكَ بالردِّ على سؤالِ ما العمل، بأنْ تَكُونَ داخلَ ممارسةٍ عمليةٍ فعّالةٍ ومتواصلةٍ تجاه النظام. أي أنّ جوابَ ما العمل هو الممارسةُ العمليةُ الواعيةُ والمُنَظَّمة.

أما بالنسبةِ لنظامِ العصرانيةِ الديمقراطية، فالردُّ على الأسئلةِ الثلاثةِ يعني الالتقاءَ الأيديولوجيَّ والعمليَّ مع عناصرِ ومُقَوِّماتِ نظامِها. أي أنّ المنزلةَ المسماةَ سابقاً بمصطلحِ الحزبِ الطليعيّ، قد رُسِّخَت على شاكلةِ ريادةِ العصرانيةِ الديمقراطيةِ نظرياً وعملياً. أما المَهَمَّةُ الأوليةُ للريادةِ الجديدة، فهي تغطيةُ الاحتياجاتِ الذهنيةِ والإراديةِ للمجتمعِ الاقتصاديِّ والأيكولوجيِّ والديمقراطيّ، الذي يُشَكِّلُ الدعاماتِ الثلاثَ لهذا النظام (الإدارة الكونفدرالية الديمقراطية المدينية والمناطقية والإقليمية والوطنية والماوراء وطنية). ومن الضروريِّ بمكان تشييد البنى الأكاديميةِ بما يَكفي كَمّاً ونوعاً. هذا وبالمقدورِ إنشاء هذه الوحدات الأكاديميةِ الجديدةِ بأسماءٍ مختلفةٍ تتوافق ومضامينَها، بحيث لا تَقتَصِرُ فقط على انتقادِ العالَمِ الأكاديميِّ للحداثة، بل وتَصُوغُ البديلَ اللازمَ أيضاً إلى جانبِ ذلك. أي أنّ الواجبَ الحتميَّ هو إنشاؤها وفق كافةِ ميادينِ المجتمعِ حسبَ الأهميةِ والحاجة، وفي مقدمتِها التقنية الاقتصادية، الزراعة الأيكولوجية، السياسة الديمقراطية، الدفاع – الأمن، المرأة – الحرية، الثقافة – الهوية، التاريخ – اللغة، العلم – الفلسفة، والدين – الفن. ذلك أنه محالٌ إنشاء عناصر العصرانيةِ الديمقراطية، دون وجودِ فريقٍ كادريٍّ أكاديميٍّ متين. أي، وكيفما لا معنى للكادرِ الأكاديميِّ من دونِ عناصرِ العصرانيةِ الديمقراطية، فعناصرُ العصرانيةِ الديمقراطيةِ أيضاً لن تُفيدَ أو تَنجَحَ في شيءٍ من دونِ الكوادرِ الأكاديميّة. بمعنى آخر، فالكُلّيّاتيةُ المتداخلةُ شرطٌ لا ملاذ منه في سبيلِ المعنى والنجاح.

يجب التخلي عن مفهومِ الحداثةِ الرأسماليةِ وتَخَطّيه بكلِّ تأكيد، والذي يَقِفُ عليها كلباسِ اللعنة، ويَكُونُ فِكرُه وذِكْرُه شيئاً، وعملُه شيئاً آخَر. فعَلاماتُ النُّبلِ والجَلالِ هي ضرورةُ عدمِ التمييزِ إطلاقاً بين الفكرِ – الذِّكْرِ – العمل، والتحلي بالحقيقةِ والسموُّ بها دوماً، وعيشُها وارتداؤُها ضمن كُلّيّاتيةٍ متكاملة. وكلُّ مَن يَعجزُ عن تجسيدِ ثلاثتِها معاً فيما يخصُّ كيف نعيشُ وما العملُ ومن أين البدء، فعليه ألا يخوضَ حربَ الحقيقة. فحربُ الحقيقةِ لا تَقبَلُ تحريفاتِ الحداثةِ الرأسمالية، ولا تستطيعُ العيشَ بها. وباختزال، فالكادرُ الأكاديميُّ دماغٌ وتنظيمٌ وكلُّ ما ينتشرُ في البدنِ (المجتمع) بالشرايين الشعرية. إنه الكّلّياتيةُ الحقة. الحقيقةُ هي الواقعُ الكُلّيّاتيُّ المُعَبَّرُ عنه. والكادرُ هو الحقيقةُ المُنَظَّمةُ والمُصَيَّرةُ ممارسةً.

على ثقافةِ الشرقِ الأوسطِ أنْ تُدرِكَ أثناء تحديثِها لذاتِها أنّ السبيلَ إلى ذلك يَمُرُّ من ثورةِ الحقيقةِ التي هي ثورةٌ ذهنيةٌ وثورةُ نمطِ الحياة. إنها ثورةُ الخلاصِ من الهيمنةِ الأيديولوجيةِ للحداثةِ الرأسماليةِ ومن نمطِ حياتِها. هذا ويجب عدم المبالاةِ برجالاتِ الدينِ والشوفينيين العِرقيين الزائفين المتشبثين بالتقاليد. فهم لا يُحاربون الحداثةَ الرأسمالية، بل يطمَعون في حصةٍ زهيدةٍ كي يَكونوا كِلابَ حراسة. لذا، يستحيلُ التفكيرُ قطعياً في حربِ الحقيقةِ من أجلِ هؤلاء. علماً أنهم ليسوا مهزومين وحسب تجاه الحداثة، بل هم في وضعِ التَّمَلُّقِ والتَّماهي أيضاً. ولَئِنْ كانت الحركاتُ اليساريةُ والفامينيةُ والأيكولوجيةُ والثقافيةُ القديمةُ تطمحُ إلى مناهَضةِ الحداثةِ بمنوالٍ مبدئيّ، فهي مُلزَمةٌ بمعرفةِ كيفيةِ خوضِ حربِ الحقيقةِ ضمن كُلّيّاتيتِها، وإسقاطِها على أنماطِ حياتِها أيضاً.

تَحظى حربُ الحقيقةِ بالمعنى وتُحرِزُ النجاح، كلما دارَت رحاها في كافةِ مجالاتِ الحياة، وفي جميعِ الميادين الاجتماعية، في الوحداتِ والمُكَوِّناتِ الاقتصاديةِ والأيكولوجيةِ الكومونالية، والمدنِ الديمقراطية، والأماكنِ المناطقيةِ والإقليميةِ والوطنيةِ والماوراء وطنية. لا يُمكِنُ خوض حربِ الحقيقة، دون معرفةِ العيشِ كالرُّسُلِ والحواريين البارزين في مطلعِ ولادةِ الأديان، ودون الهَرَعِ وراء الحقيقة. وحتى لو تمَّ خوضُها دون ذلك، فنجاحُها مستحيل. إنّ الشرقَ الأوسطَ بحاجةٍ ماسةٍ إلى حِكمةِ الإلهاتِ المُستَحدَثات، وإلى أمثالِ موسى وعيسى ومحمد، سانت باول، ماني، وَيسَل كاراني ، منصور الحلاّج، السهروردي، يونس أَمره ، وبرونو. ذلك أنّه من غيرِ الممكنِ إنجاح ثورةِ الحقيقة، دون التحلي بإرثِ القدامى الأوائلِ المُستَحدَث، الذي لَم يأكلْ عليه الدهرُ أو يَشرب. فالثوراتُ والثوريون لا يَموتون، إنما يُثبِتون إمكانيةَ الحياةِ – فقط وفقط – بتَبَنّي ميراثِ هؤلاء. وثورةُ الشرقِ الأوسطِ هي ثورةُ توحيدِ الفكرِ والذِّكْرِ والعمل. وهي جدُّ غنيةٍ من هذه الناحية. والعصرانيةُ الديمقراطيةُ ستُقَدِّمُ مساهماتِها وتؤدي دورَها التاريخيّ، بإضافةِ انتقاداتِها بشأنِ المدنيةِ والحداثةِ الرأسماليةِ إلى هذه الثقافة.

ينبغي على فردِ الحضارةِ الديمقراطيةِ أنْ يَحيا ضمن تكامُلِ ووحدةِ كفاحِ الفكرِ – الذِّكْرِ – العملِ الدؤوبِ إزاءَ أحصنةِ الحداثةِ الرأسماليةِ الثلاثيةِ العَدّاءةِ إلى إقامةِ القيامة (الرأسمالية، الصناعوية، والدولتية القومية). وبالمِثل، عليه خوض كفاحِ حياةِ الفكرِ – الذِّكْرِ – العملِ المتواصلِ مع مَلائكةِ الخلاصِ للعصرانيةِ الديمقراطية (المجتمع الاقتصاديّ، المجتمع الأيكولوجيّ، المجتمع الديمقراطيّ). وما لَم يَفعلْ ذلك، فلا يُمكِنُه تحقيق كينونتِه أو إنشاء ذاتِه كقائدٍ للحقيقة. كما لَن يَكُونَ القائدَ (المُرشِدَ) المُنجِزَ للعدالةِ والحريةِ وعالَمِ الديمقراطية، ما لَم يُواظِبْ على وحدةِ وتكامُلِ الكفاحِ والحياةِ داخلَ مُكَوِّناتِ الكوموناتِ الاجتماعيةِ ومُكَوِّناتِ الأكاديمياتِ بالقدرِ عينِه. إنه ليس ناقداً للكتبِ المقدسةِ والإلهاتِ الحكيمات (إلا في حالِ أداتِيَّتِهما المُسَخَّرةِ لخدمةِ المدنيةِ والحداثةِ المهيمنتَين). وما يتبقى، إنما هو ميراثُ حياتِنا الذي لَم يتقادم، وهويتُنا الاجتماعية. ومُناضِلُ العصرِ الديمقراطيّ، هو ذاك الذي يَنقشُ هذه الهويةَ في شخصيتِه، ويَحيا إرثَ الحياةِ ذاك ويُحييه بِحُرّية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف يجب العيش على درب الحقيقة، ما العمل ومن أين البدء؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عامودا: البدء بأولى فعاليات المركز الثقافي الكردي
» حلب: العمل طوعي هو واجب وطني
» "أنوركو" مقتولاً بعد 17 عاماً من العمل الاستخباراتي
» تواصل العمل الطوعي الشعبي في الدرباسية
» أبناء الحسكة والدرباسية معا في حملة العمل الطوعي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Afrin.TV عفرين لقنوات البث المباشر :: قسم الإدارة :: منتدى المحذوفات-
انتقل الى: