مع استمرار الانتفاضة الشعبية على النظام السوري منذ ستة أشهر واصرار النظام على الحل الأمني القاتل مع ما يحمله ذلك من احتمالات مفتوحة, كان من الضروري الوقوف على رأي رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعد الحزب الأكثر تنظيما وفاعلية وجماهيرية في الوسط الشعبي الكردي في سورية من مجمل الأوضاع في البلد والمستقبل ودور الأكراد وموقعهم وأهدافهم, ولهذا حاورت "السياسة" رئيس الحزب صالح مسلم ( أبو ولات) الذي يمكن القول انه مع بدء الانتفاضة ومخاض التغيير, وهو يعمل على رأس خلية نحل من اجل التعبئة الجماهيرية في طول كردستان سورية وعرضها, وصولا الى أماكن التواجد الكردي في الرقة و حلب ووصولا الى العاصمة دمشق, وفيما يأتي نص الحديث مع مسلم:
سورية الى اين بعد ستة اشهر من الانتفاضة?
تسير سورية نحو المجهول, وربما الى حرب طائفية أو أهلية اذا استمر النظام في تعنته وعقليته الأمنية, ولن ينقذها من ذلك المصير المجهول سوى معجزة على صعيد تغيير الذهنية لدى السلطة.
ثمة من يرى ان العدوان التركي - الايراني المزدوج على كردستان العراق هو بمعنى ما رسالة لكم لعدم الايغال في بسط نفوذكم في كردستان سورية والتمهيد لامر واقع كردي في حال انهيار النظام?
نعتقد أن العدوان التركي - الايراني هو أحد مظاهر انعدام القوانين والحدود الأخلاقية والثوابت السياسية لدى القوى المهيمنة على كردستان, عندما يكون الأمر متعلقاً بالشأن الكردي.
المعلومات الاستخبارية والكشف الجوي توفرها طائرات"هيرون" الاسرائيلية والمصادر الأميركية, وتعطيها لتركيا التي تزود بها ايران, وينسق الجميع في الحرب على الطليعة الكردية. انها محاولة لتطبيق السيناريو الذي طبقوه في سيرلانكا مع "نمور التاميل", وهذا الهجوم العسكري والاعلامي والتشويه للحقائق, يأتي في اطار حملة ظالمة يشنها الحلف الأطلسي, بأدواته الاعلامية وامكانياته الهائلة, لاضعاف القوى الكردية بعامة وليس حزبنا فقط, كي لا يستفيد الشعب الكردي من التطورات والفوضى الهائلة التي تنتظر المنطقة.
ماذا عن هيئة التنسيق الوطنية, هل صحيح انها جاءت بتدبير منكم اساسا ردا على مساعي انقرة لبلورة معارضة اسلامية التوجه عبر مؤتمرات انطاليا واسطنبول المتناسلة?
هيئة التنسيق الوطنية جاءت ثمرة لمبادرة ثماني شخصيات عربية, ثم بمباركة ومشاركة قوى عربية, وأحد عشر حزباً كردياً, من أجل تشكيل معارضة وطنية خالصة من جانب قوى وطنية ديمقراطية تعبر عن توجهات الشعب السوري, وكان تأسيسها رداً على كل المحاولات الخارجية للتلاعب بالمعارضة الوطنية التي كانت في وضع التشتت.
ثمة من يتهمكم بالتعاون مع النظام كيف تردون, وبكل صراحة على هذا الاتهام, وهل الخيار هو اما النظام ام معارضة يطرزها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وما هو الخيار الثالث هنا?
نحن لا يمكننا التعاون مع جلادنا في سبيل الابقاء عليه, كما لا يمكننا الارتماء في أحضان من لا يعترف بوجودنا وينكر حقوقنا, كما نرفض أن نكون جنوداً لدى الآخرين, وخيارنا هو التنسيق والتضامن مع من عانى من بطش النظام, ويعترف بوجودنا وحقوقنا, ويرضى بالعيش معنا في وطن واحد ضمن المساواة والديمقراطية, وهذا ما وجدناه مع هيئة التنسيق الوطنية. وهنا اذكر بالمثل القائل"العدو العاقل خير من الصديق الجاهل" بالنسبة الى نظرة السلطة السورية الى الأكراد, وهذا لايعني مطلقاً أن لا يشتبك الأكراد مع السلطة عندما تستهدفهم السلطة مباشرة.
موضة مؤتمرات ومجالس انطاليا واسطنبول ما موقفكم منها? وهل انتم معنيون باي من نتائجها ومقرراتها, بمعنى هل ستفسحون في المجال امامها لتطبيق ما نتج عنها في مناطقكم, وكيف تنظر الى من يشارك فيها من الاكراد?
المؤتمرات والمجالس التي تعقد وتتأسس في الخارج تفتقر الى القاعدة الجماهيرية, ولا تعبر عن توجهات المعارضة الشعبية في الداخل. أما موقفنا منها فهو ان لدى أردوغان مهمة جرى تكليفه تنفيذها من القوى المهيمنة مقابل اطلاق يد أردوغان في الشأن الكردي. وعندما يتدخل في الشأن السوري يعمل على تنفيذ المهمة المنوطة به من جانب, ولجم الحركة الكردية حسب تطلعاته من جانب آخر. ولهذا لا خير في مؤتمر أو مجلس يتأسس في أحضان أردوغان, ونحن لسنا معنيين بنتائج تلك المؤتمرات و لا مقرراتها ولا بتطبيقها في مناطقنا, أما الأكراد المشاركون فيها, ومع احترامي لهم, اما أنهم يفتقرون الى الخبرة في السياسة التركية ومكائدها, أو أنهم متواطئون معها مباشرة.
لماذا لا نرى تصعيدا امنيا من السلطة في المناطق الكردية, و ثمة من يتحدث عن تفاهم ضمني وغير معلن بينكم, كحركة كردية, والنظام لتجنيب مناطقكم نار القمع?
ليس هناك تفاهم, بل الأكراد يتظاهرون ويعبرون عن مطالبهم في الحرية والديمقراطية بلونهم وصوتهم, ولكنهم يمتنعون عن مهاجمة المفارز الأمنية والمخافر ومؤسسات الدولة, واذا كانت السلطة تمتنع عن التصعيد الأمني, فكما أسلفت, نظرتها هي "عدو عاقل خير من صديق جاهل" أي أنها ترى في الأكراد عدواً عاقلاً له حقوقه ومطالبه ولديه الاستعداد للتضحية في سبيلها, وهي تتجنب الاشتباك معه في الوقت الحالي.
تتحدث الصحافة التركية ودوائر السياسة في تركيا عن خطر تشكل "كوريدور" كردي يمتد من كردستان العراق مرورا بمناطقكم الكردية في سورية وصولا الى البحر المتوسط هل ترون ان موجة التغيرات في المنطقة قد تطال حتى خرائط دولها? وهل لديكم اي استعدادات في هذا الصدد, بمعنى الاعداد لامساك زمام الامور في مناطقكم في حال اي انفلات امني او حدوث فراغ شامل في سورية?
نحن الأكراد في غرب كردستان وسورية أكثر شرائح المجتمع السوري تنظيماً, ونحن وطنيون سوريون, ولهذا سنقاوم أي تدخل خارجي, وسنتصدى لأي مخططات لا تخدم الشعب الكردي وعلاقاته الأخوية مع شعوب المنطقة, من ناحية أخرى لا يمكن تصديق ما تذهب اليه الصحافة التركية التي هي جزء من وسائل الدعاية والحرب الخاصة.
أما بشأن المستقبل فلكل حادث حديث, ولا يمكننا التحدث عن سيناريوهات خيالية.
في حال تدخل تركيا واقامة منطقة عازلة في مناطقكم كيف ستتصرفون حيال ذلك?
نحن وطنيون سوريون كما أسلفت ونرفض أي تدخل عسكري في الشأن الداخلي السوري.
ثمة تسريبات عن انكم اعددتم الخطط والاستعدادت لملء الفراغ في المناطق الكردية, امنيا واداريا, هل هذا صحيح? وماذا عن استقدامكم مئات, بل هناك من يقول الافا من كوادركم من الجبال الى المناطق الكردية في سورية.
كل ذلك غير صحيح, نحن عملنا ونعمل على تنظيم وتوعية جماهيرنا بشأن المرحلة التي تمر بها سورية خصوصا والمنطقة عموماً, ونحاول اقامة علاقات سليمة مع القوى الطليعية للمكونات السورية الأخرى على أساس المساواة والديمقراطية في سورية حرة ديمقراطية, سورية المستقبل.
تطرحون الادارة الذاتية حلا للقضية الكردية في سورية حبذا لو شرحتها لنا ماذا تعنون بها, و هل هي حكم ذاتي ام ادارة محلية ام ماذا?
الادارة الذاتية الديمقراطية هي المشروع الذي تبنيناه في مؤتمرنا الثالث عام 2007 ونرى فيه الحل المناسب للقضية الكردية في غرب كردستان وسورية, وهذا المشروع يختلف عن ال¯"أوتونومي" (الحكم الذاتي). وهو يعتمد على تنظيم الشعب في مؤسسات مدنية مترابطة مع بعضها البعض في تنسيقيات تدير الوحدة المعنية التي قد تكون مدينة أو قرى عدة متجاورة أو منطقة معينة أو حتى محافظة. وهذه الوحدات تمارس الديمقراطية الجذرية (في قراراتها وتنفيذ قراراتها) من الأسفل الى الأعلى, بحيث يكون الشعب هو صاحب القرار في كل شيء, بينما يتم تقليص دور السلطة المركزية تماماً, ولا يبقى للدولة المركزية دور سوى الحد الأدنى من التنسيق.
الهدف من المشروع هو خلق الانسان الحر في تفكيره وارادته وقراره, وهذا الانسان هو القادر على كل شيء. بالاضافة الى أن الزمن قد تجاوز الدولة القومية, ودولة الأمة المركزية التي هي دخيلة على الشرق الأوسط أساساً, ولا تتناسب مع طبيعة وتراث الشرق الأوسط.
اين وصلت جهود تشكيل المؤتمر الوطني الكردي المزمع وبرأيكم ما هو السقف المطلبي الذي سيعتمده لحل القضية الكردية في سورية?
لا زالت الجهود متواصلة من أجل عقد المؤتمر الوطني الكردي في غرب كردستان وسورية, أما السقف المطلبي فهو منوط بالمؤتمرين, أما نحن كحزب فنتمسك بمشروعنا للحل, وهو الادارة الذاتية الديمقراطية لأننا مقتنعون به وسنحاول اقناع الآخرين أيضاً.
ما موقفكم من تشكيل مجلس وطني انتقالي آخر بعد سلسلة المجالس المشكلة او توسيع المجلس الذي اعلن في تركيا اخيرا?
موقفنا هو الرفض لان المجلس الانتقالي يعني التمهيد للتدخل الخارجي كما حدث في ليبيا.
