"وينك يا سوري وينك" بهذا الهتاف يبدأ مقطع فيديو نشره شخص ملقب بـ"مسبار سوريا" في موقع اليوتيوب في الخامس عشر من آذار 2011 , و يظهر المقطع حوالي 150 شخص و هم يطالبون السوريين بالإنضمام اليهم. المتظاهرون يخرجون من أحد بوابات سوق الحميدية الواقع بجانب الجامع الأموي بمنتصف العاصمة دمشق و مدته 81 ثانية, يوثق إنطلاقة الشرارة الأولى للثورة السورية. الهتاف الثاني الذي يسمع في المقطع "الله, سوريا, حرية و بس" يصبح أحد الشعارات الأساسية للتظاهرات التي ستنطلق في الشهور القادمة في جميع أنحاء سورية, و هذا الشعار يخفي في ثناياه الى جانب المطالبة بالحرية تنديد او رفض للرئيس السوري بشار, لان هذا الشعار ليس إلا ردا على الشعار الذي يرفعه أنصار الرئيس منذ سنوات "الله, سوريا, بشار و بس". الهتاف الثالث و الأخير في المقطع المنشور هو "سلمية, سلمية". أيضا هذا الشعار يتحول الى شعار أساسي للمتظاهرين في الشهور القادمة و يبقى المتظاهرون في كل المدن السورية يرفعونه بالرغم من قيام قوات النظام لاحقا بقتل مئات المتظاهرين السلميين العزل.
كما تواردت أنباء عن إنطلاق مظاهرات صغيرة في كل من حلب و درعا و قامت قوات الأمن بإعتراض المتظاهرين و إعتقال 300 شخص منهم المعتقلة الأولى للثورة السورية علا الكيالي من حلب.
المقطع المنشور لمظاهرة سوق الحميدية تم تصويره من قبل شخص يقول انه من الطائفة العلوية و ان كل أطياف سوريا متواجدون و هم يريدون أسقاط النظام. هنا تجدون نص التعليق الذي سمعه أكثر من 45 ألف شخص على موقع يوتيوب في الخامس عشر من آذار: "تاريخ 15- 3, هاية إنتفاضة الثلاثاء 15 آزارهاي اول إنتفاضة صريحة ضد النظام السوري, مافي واحد منن... هلق نحن علوية و سنية و من كل أطياف سورية بدنا نوقع النظام, و ما بدنا واحد من عناصر هالنظام بقا يبقى بهالبلد, و أنا عم بحكي بإسم الطائفة العلوية بكل سوريا. و هاي نساء سوريا الأحرار الي عم بيتقدموا المسيرة, شوفو ها. عم ننقل لكم وقائع الشرارة الاولى للإنتفاضة السورية. التجمع الآخر سيكون بعد صلات العصر في محيط الجامع الاموي. نرجو المشاركة الفعالة."
جدير بالذكر أن المظاهرة جائت إستجابة للنداءات التي أطلقتها صفحات عدة على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك و في مقدمتها صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011.
مظاهرة امام السفارة السورية في مصر تزامنا مع إنطلاق مظاهرة سوق الحميدية نظم معارضون سوريوون امام السفارة السورية في القاهرة إعتصاما طالبوا فيه بإسقاط النظام. كما تعرض موظفوا السفارة السورية للمعتصميين و حاولوا تخويفهم لإنهاء الإعتصام. و أعطت مشاهد إعتصام القاهرة التي بثت عبر الفضائيات و مواقع الإنترنت دفعة جيدة للثورة السورية.
16 آذار – قمع مظاهرة أهالي المعتقلين السياسيين أمام وزارة الداخلية في دمشق في بداية شهر آذار كانت الأنظار متجهة بكثب نحو الوضع الداخلي في سوريا و توقع المراقبون إنطلاق حركة إصلاحية او على الأقل صدور عفو عام عن المعتقلين السياسيين الذين كان عددهم يفوق الـ6 آلاف. إلا ان العفو الرئاسي العام الذي أصدره رئيس الجمهورية في السابع من آذار لم يشمل المعتقليين السياسيين ما أدى الى إعلان أهالي عدد من المعتقلين تنظيم مظاهرة أمام وزارة الداخلية في ساحة المرجة للمطالبة بالإفراج عن أهاليهم. في يوم الأربعاء السادس عشر من آذار و قبل تمكن أهالي المعتقلين الذين وصل عددهم الى حوالى 200 شخص من الوصول الى وزارة الداخلية قامت قوات الأمن بالتعرض لهم بعنف شديد حيث ذكر شهود عيان ان عناصر الأمن ضربت الرجال و سحلت النساء على الأرض و ضربتهن بشكل مبرح و سمعت أصواتهن عاليا و هن تصرخن. و وصل عدد المعتقلين في هذه المظاهرة الى 36 شخصا بينهم 11 أمرأة و سبعة أشخاص من عائلة االلبواني بالإضافة الى عدد من النشطاء الكرد و كان من أبرز المعتقلين الناشطة سهير الأتاسي.
18 آذار- جمعة الكرامة, إنطلاق مظاهرات كبيرة في أربع مدن سورية و درعا تقدم أول شهداء الثورة جمعة الكرامة كانت الإمتحان الأول لإثبات نقطتين مهمتين, الأولى تمثلت في تحديد مدى إستجابة الشارع السوري للدعوات التي إنطلقت من الفايسبوك و المطالبة بإسقاط النظام و النقطة الثانية كانت فيما إذا الثورة التي إنطلقت قبل ثلاث أيام ستتواصل أصلا. و جاء الجواب ليشكل صدمة كبيرة للسلطات السورية حيث خرجت مظاهرات كبيرة بعد صلات الجمعة في أربع مناطق هي الأكثر حساسية بالنسبة للنظام. فكانت المظاهرة الأولى في قلب الجامع الأموي في العاصمة دمشق, المظاهرة الثانية في المحافظة الجنوبية في درعا, المظاهرة الثالثة في ثالث أكبر المدن السورية حمص في وسط البلاد, اما المظاهرة الرابعة فكانت في مدينة بانياس الساحلية, حيث تشكل الطائفة العلوية الأغلبية من سكان الساحل.
في حمص تمكن قوات الأمن من قمع المتظاهرين و تفريقهم سريعا بالرغم من تمكن المتظاهرين من التجمهر خارج جامع خالد بن الوليد أكبر جوامع حمص و تجاوز عددهم الألف شخص. أما في بانياس فقد سلمت التظاهرة من قمع رجال الأمن و تمكن المتظاهرين الذي تجاوز عددهم البضعة آلاف من السير في عدد من الشوارع و التجمع في أحد الساحات و إستمروا في الهتاف بالحرية و الكرامة, الى ان إنتهت التظاهرة من تلقاء نفسها. أما القسط الأكبر من القمع و الوحشية فكان من نصيب متظاهري دمشق و درعا. ففي العاصمة قام رجال الأمن بإقتحام حرم الجامع الأموي و غلق أبوابه الرئيسية و ثم قمع التظاهرة بوحشية بالغة. إذ تظهر مقاطع الفيديو تشتت المصلين السلميين الذين تفاجؤوا برجال الأمن ينهمرون بالهراوات على بعض منهم. و لم تقتصر مهمة رجال الأمن كما تظهرها مقاطع الفيديو بإنهاء المظاهرة و إعتقال البعض بل تعدت ذلك الى تلقين درس لمن يفكر ثانيا بالتظاهر, حيث نرى في أحد مقاطع الفيديو توزع رجال الأمن بالزي المدني في مجموعات صغيرة يصل عدد أفرادها الى 10 أشخاص و إنهمار كل مجموعة بالضرب المبرح بالهراوات على شخص ملقى على الأرض في ساحة الجامع الأموي. أما في مدينة درعا و التي كانت تغلي منذ بداية آذار بسبب قيام السلطات بإعتقال مجموعة كبيرة من الاطفال و وصول أنباء عن تعذيبهم بالإضافة الى تعامل المحافظ بشكل سيئ مع مطالب أهالي الأطفال, كل هذه الأسباب أدت الى توافد أعداد كبيرة من الأهالي و سكان درعا الى الجامع العمري و إستعدادهم لبدء مظاهرة كبيرة و عدم التوقف حتى يتم الإفراج عن الأطفال. و لم تقتصر مطالب المتظاهرين عند هذا الحد بل بدأوا أيضا بإطلاق هتافات تتصل بالشأن العام و الحالة المذرية في سوريا, و تركزت الهتافات حول الحرية و فساد الدولة. في المقابل أصرت السلطات السورية على الحل الأمني و إنهاء الإحتجاجات بأي ثمن كان, فكانت الحصيلة 6 شهداء في درعا و عشرات المعتقلين و مشاهد فيديو كثيرة للمصادمات بين قوى الأمن و شباب درعا الأحرار, لتشكل هذه الدماء و المشاهد وقودا لتصاعد الإحجاجات في الأيام القادمة.
